ما حدث في مصر وبعض الدول العربية الاخري في السنتين الاخيرتين .. هو تغيير جذري في المناخ السياسي والجماهيري العربي .. وكان لخلع القذافي ومبارك وهم الرئيسين الاقدم عربيا علامة فارقة في السلوك العربي لكن الاختلاف هنا ان مصر قدمت نموذجا رائعا وخلاقا في تداول السلطة وفي ممارسة الثورة شخصيا في بداية الثورة المصرية قلت ان الرئيس مبارك سيحسم الامر وينهي الثورة بمجرد اصدار التعليمات للجيش لكن الجيش فاجأني بإنيحازه للشعب وبشكل عبر من خلاله عن استقلالية كاملة في المؤسسة العسكرية المصرية وعن حيادية كاملة لكنها تنص علي ان مصلحة الشعب هي السلطة العليا والاهم وهذا ما ترجمه وما زاده روعة هو انسحابه من المجال السياسي بعد تأمين اجواءه والاكتفاء بدوره في حماية وتأمين البلاد . ثم جاء حكم الاخوان المسلمين والذي اعتقد البعض وانا منهم انه سيبقي للابد ولن يزول وان هذه كانت اخر انتخابات تحدث في مصر . لكن اصرار الشعب المصري علي التحرر من سطوة الحاكم وعلي انتزاع حريته ايضا فاجأني وايضا فاجأني بقدرته علي اسقاط نظام الاخوان بعد ان اساؤوا استخدام السلطة .
قد يكون لوجود جيش محايد في النهاية ينحاز للجماهير ولا يسمح ان يُبطش بها عامل هام ان لم يكن كل العوامل .. فما يحدث في سوريا لو ان الجيش اتخذ ذات الموقف للجيش المصري لانتهي بشار الاسد ونظامه منذ باديء الامر .. وايضا هناك الكثير من الشعوب لو تضمن حماية لثورتها السلمية لقامت بها .. لكنها لا تريد تكرار المشهد السوري . لكن ايعني ذلك ان تبقي خاضعة خانعة قابلة لوجود نظام قهري لا يلبي ادني احتياجاتها ولا يسمح بممارسة الحياة الديمقراطية بأدني مفاهيمها . ويمارس القمع السياسي ؟! اعتقد لا .
وبالعودة للحديث عن تأثير التغييرات سالفة الذكر في السلوك العربي العام سواء علي صعيد الشعوب او الانظمة نجد ان ما حدث في مصر هو الاكثر نجاحا
وبالنظر لما حدث في مصر نجد ان الثورة المصرية كانت ولا زالت الاكثر سلمية بل الاكثر اصرار علي ممارسة الثورة بطريقة سلمية وقد يكون هذا سر نجاحها وانحياز الجيش لها . وايضا قد يكون هذا ما جعلها اكثر اقناعا للعالم وكسب تعاطف الجميع وتضامنهم . وبعد نجاحها لم تنشغل في توزيع مغانم او تقاسمها بل انها انشغلت في تعديل القوانين والدساتير واستنهاض مؤسساتها وشبابها واعادة دراسة ذاتها بهدف صياغتها بما يتناسب مع المتغيرات التي تفرض تعديلات وصولا لما يطمحون من بلد جميل رغم ان المناخ لم يكن مثاليا بل كانت الكثير من العراقيل والتحديات والتدخلات والايادي الخفية ايضا .. لكن وجود شعب متحد لا تسوده الحزبية بل مصلحة الوطن هي العليا وجيش محايد منحاز لمصالح الامة العليا حتما هو شعب سيحرز تقدم .
وهنا اسلط الضوء علي ثلاث نقاط في ممارسة الثورة المصرية اعتقد انها تجعل منها انبل ظاهر لهذه الحقبة الزمنية وهي :-
اولا : اعتماد واصرار الثورة المصرية علي الممارسة السلمية للثورة بإستخدام حقها المشروع في الاعتصام والتظاهر مما جعل الجيش ينحاز لها بمبررات وطنية وقانونية ايضا .
ثانيا : اهتمام المصريين بشكل ملحوظ وصادق في تعديل القوانيين والدساتير والتشريعات واستنهاض مؤسسات الدولة مما يدل علي الوعي والانتماء الوطني والرغبة الجادة في احداث فرق للافضل .
ثالثا :الامر الاخر هو عدم سطوة وسيطرة النعرة الحزبية بل كان ظهور واضح لسلوك وطني وحدوي جميل اقل ما يوصف انه وطني .
هناك الكثير من النقاط والعوامل التي قد تكون ايضا ملفتة للنظر وجديرة بتسليط الضوء عليها ولا اعتبر ذكري لهذا العوامل الثلاث هو تلخيص للمشهد بل فقط هذا الجانب الذي رايت من خلال الامر ومن الطبيعي ان يكون لكل مشهد اكثر من جانب للرؤيا .
اخيرا اتمني التوفيق للشعب المصري العظيم هذه الامة المصرية العريقة واسجل احترامي وتقديري للجيش المصري الذي اثبت حقا وبجدارة ان حامي البلاد .
نتمني من الله التوفيق كل التوفيق لامتنا الاسلامية والعربية وان نرقي دائما في اختلافنا وخلافنا وان تكن سلمية الثورة المصرية نموذجا يحتذي به في كل العالم فقد ان اوان العنف والقتل ان ينتهي .. فقلوبنا تدمي لما يحدث في سوريا الحبيبة ولما يحدث للمسلمين في بلدان اخري .
سامي ابو لاشين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق